ليالي الجنون / قبيل الرحيل / لوتس صوالحة

عدد المساهمات : 7 تاريخ التسجيل : 20/07/2010

ليالي الشارقة / قبيل السفر

ليالي الجنون / قبيل الرحيل / لوتس صوالحة 756images

لا ادري مقدار الفرح الذي سكن الفؤاد … والسعادة التي غمرت الاحاسيس … واخي يخبرني … بأنه وصلتني دعوة من شارقة الشمس … من ارض النخيل وعيون المياه …. ابكتني كلماته واطربتني .
هل سألتقي بالحلم الذي طالما انتظرته ؟ هل سألتقي بالأهل هناك … ؟ إنه الحلم وأي حلم هذا ؟ اذاً سأطير إلى هناك … لن أخبر أحداً بقدومي إلى تلك الأرض التي من رملها الحارق أصبح ينتشر الأريج … أي مكان في الدنى هي الشارقة ؟ هل هي أرض النفط فقط ؟ فأنا الان سأدخل إلى أرض تختلف عن كل أرض دخلتها من ذي قبل … سأدخل الى وريد الإمارات العربية المتحدة … سألتقي هناك بالارض والانسان يناديني شقيق الروح ويسأل :
متى ترغب بالسفر ايها اللوتس ؟
- ..الان لو أمكن ..
- ولم كل هذا الاستعجال ؟
اريد أن أغادر مرارة الايام التي سكنت جوفي … اريد ان اغادر بحيرة الدموع الي استوطنت القلب والعين .
لتكن في حماية الرب ايها المجنون … اعلم بأنك لن تطيق بعدا عن معشوقتك… لن تطيق صبرا على فراق جنونك يراودني سؤال واحد الان :
- ماهو ؟
- كيف سترتدي ثوب العقل أيها المجنون ؟ هل يليق بك ان تكون عاقلا ؟ هل يمكن للوتس ان يتخلى عن شذى الجنون الذي يتميز به … ويتقنع برداء الرزانة والعقل ؟
- مجرد ابتعادي عن هذا التراب الذي توارى فيه القلب … ودفنت فيه ايامي … سيعيد اليُّ ما افتقدته ردحاً طويلاً من العمر .
وما ان انهيت حديثي مع شقيقي حتى رن هاتفي … يااااه انه الهاتف الذي انتظرته منذ ان ابلغتني بأن حلمي على ابواب السفارة الاماراتية يقف ، تكلمنا قليلاً… وسالتني نخلة الشارقة التي لا تضاهيها نخلة … وشمس تمنح الدفء للقلوب التي اصابها برد الزمن ، هي التي تطلق الصبر في الوريد …. هي التي تمنح القصائد رونقها … وتهب الكلمات تعابيرها ومعانيها … هل انا في حلم ؟ ام اني اعيش الحقيقة …؟ من يصفعني ليؤكد لي بأني في تمام وعيي …؟ وأني سأذهب الى نبع الحنان .
سالتني : متى سأرحل اليها …؟ تهربت من الاجابة ولم احدد الموعد …. لتكن المفاجئة التي امل ان تكون سعيدة … كنت افكر بأن استثمر المدة المسموحة لي بالإقامة هناك … سأعتبر نفسي كاتبا متفرغا لرحلتي … للشارقة فقط … وأسئلة يدور رحاها في الذهن … كيف سيكون ضيف تلك الامارة ؟ ما هي طبيعة اناسها …؟ كيف حال البحر الذي يلفها … والصخور … التي طالما حمت تلك الديار من قراصنة البحر ؟ متى يكون اللقاء …؟ الانتظار صعب … واللحظات تمر ثقيلة مملة … والحلم يشتعل .
وعمان يا أخي … وجنون غيرتها …. اشتعالاتها …. العشق الذي سكنك منذ أُلقيت في طينك الروح … هل بهذه السرعة استبدلته … ؟ كيف ستعود اليها وانت تحمل في قلبك حباً غير حبها …. وعشقا بديلاً لعشقها ؟
- ما الذي تقوله انت ؟ اراك بت ساذجا اكثر مما يجب … اكثر مما يحتمل … وهل في الدنيا ما يملاء القلب الا عيون عمان … ابتسامة ارصفتها … وقهقهة مقاهيها .
لا عمانى لا تغار من شيء في الدنيا بل الكل منها يغار..عمان ايتها الرائعة فلي قلب هناك … اريد زيارته … وانت من علمنا الوفاء … عمان لي نبضة هناك زرعت اريد فقط ان التقيها… واطمئن على زهرها .
فأنا اكتب عن ترابك سيدة الدنيا الذي تناثر هناك في بحر العرب .. والذي منه كان الناس هناك … عماني اكتب عن ترابك الذي اردتي ان يكون شارقة للحب ومعنى للشموخ … اكتب عن شيء من ترابك الذي يقبع هناك في البعيد .
اسهر ليلي الذي مر طويلا ثقيلا …. كانت عصي الانتظار تجلد الروح … ولم يكن للصباح ان يأتي الا بعد ان أذاق القلب من العذاب ما أرهقه … ولكن كل شيء في سبيل الرحلة يهون … فلا معنى لشيء امام تحقيق الحلم الاغلى .
حان الموعد وانطلقنا الى الجبل الشامخ …. الجبل المسمى جبل عمان …. ولجنا باب السفارة ، وهناك تيقنت ممن سأرحل الى الارض التي استخلفوا فيها … منتهى الاحترام … روعة في التعامل … اذاً لما لا تكون هذه البلاد خليفة لعمان في تلك الارض …؟ لما لا تكون حاضرة الدنيا ؟
… ما الذي نريد … غير ابتسامة في الاستقبال ومثلها في الوداع … ؟ لم نمكث طويلا هناك … وقت قصير انتهت به المعاملة .
يسألني شقيقي : الى أين الان …؟
- الى اقرب مكتب للطيران ….
- لماذا؟
- للحجز في اول رحلة …
- وهل ستخبرهم بموعد وصولك اليهم ايها اللوتس؟
- لا
- كيف ذلك …؟ انت ذاهب للكتابة … من سيرافقك ؟ فقد تكون الرحلة طويلة … وانت تريد التجول .
- سيكون برفقتي من ستقوده احاسيسه وقلبه لملاقاتي … متأكد انا بأن قلبه سيقوده … وسيعرفني من بين الجميع …
- كيف …؟
- اردنيتي تعلو جبيني … وعمان شمس تسطع من عيوني
- وان خاب ظنك …. ولم تجد احداً في انتظارك ؟
- عندها يستخدم الاختراع الذي يدعى بالهاتف …. في أي الفنادق ستهبط … يا رفيق التعب … وشقيق السهر …؟ عمان ستفتقد أريج أنفاسك .
سأريح القلب من عناء هذا الحب … سأبحث عن حب لا يقيدني … سأبحث عن ارض تنتزع مني جنوني وتعيد اليُّ العقل الذي فقدته منذ حبوت على ارض عمان … تعلم بأن عشق عمان ادماني .
- حسنا لك ما تريد …. لن أنس ما كان منك من كلمات الشوق ودموع الحنين لحبيبتك التي تود الرحيل عنها.
ها قد وصلنا يا شقيق الروح … ها قد وصلنا أبا صخر . طرقنا باب المكتب
ودلفنا إليه … أهلا وسهلا كلمات الترحيب المعتادة … أرغب بالحصول على تذكرة سفر لدبي … عاصمة الدنيا الاقتصادية بأول رحلة …
- الاثنيين القادم …
- وقبل هذا الموعد …
- المقاعد محجوزة بالكامل …
- حسناً اذاً هي فرصة لأنقطع عن الحب الساكن بي … لأنقطع عن الحنان الذي ينتظرني .
- ايها اللوتس كيف لمن هو مثلك ان يحمل كل هذة السادية… وهذه القسوة … ؟
- ليست القسوة … بل لأشعل نيران الشوق … لأرسم لوحتي لتلك الديار … الديار التي تقطنها جلالة الملكة نفرتيتي العصر.. بحرالحنان ، منبت الحب … تلك الفرعونية التي أزهرت هناك … ونشرت شذاها فوق الرمال فمنحتها الخضرة … منحتها الصفاء .
يا شقيق الروح دعك من كل الاسئلة الان … احتفظ بها لحين العودة من هناك … دعني اتمتع بلحظاتي … تسعدني سياط الفرح التي تجلد القلب … وتبهجني النيران التي تشتعل بروحي … يفرحني مرور الوقت سريعا للالتقاء بجلالة الفرعونية … فهناك ايضا حتشبسوت … وقد التقي بوردة وقد أقامت بتلك الديار لتنتقم لابنها الفتي القتيل … فقط تنتظر اللحظات لتعلن وقت الثأر من المناذرة الذين يقطنون ارض العراق .
هناك بالتأكيد سالتقي بالحضارة … والتقي إبداع الحاضر … سالتقي بكل ما أُريد .
تمر الساعات طوالاً … أُنبش في النفس عن اسئلة تضيء الجوانب المظلمة أو التي أجهلها عن تلك الأرض … عن تلك الرمال التي نُثرت هناك ليلفها البحر … وتُطربها اغنيات البحارة ، وكلما اكتملت الصورة في الروح أحرقها لنها ليست الصور التي أُريدها … كيف تكون هناك حنان … وكيف يكون هناك المبدع الرائع عاطف الفراية وارضى بهذه الصور ؟ كيف كيف ؟ بمن سألتقي اولاً ؟ ومن اي مكان ستنطلق رحلتي ؟ كلها اسئلة بعد أن أعثر على إجاباتها أشعر بتفاهتها فأُلقي بها بعيداً عني كأيامي التي ارتحلت … أمحوها من ذاكرتي ككل أشيائي التي أُجبرت على التخلي عنها .
تنقضي الأيام بعدما جلدت القلب بسياط الانتظار … يأتي الموعد … ونتجه للمطار … يرافقني الأهل … الأم( أرق الأمهات وأكثرهن حناناً) تسكب دموعها الصامتة … تلقي بقصائد الوداع من خلال تلك الدموع … الوالد يخفي وجع الفراق بابتسامات كانت تنثر شوك القلق أمامي … برفقتي ايضاً العائلة بكاملها … ينثرون أمامي زهور الدعاء بالتوفيق والسعادة … وحده ذلك المشاكس صدام الذي كان يقول لي بسخرية : أنا لا أريد إلاهدية واحده … لا تكلف الكثير … وهي أن تنثر باقات سلامي لتلك الأرض التي تقل حنان والسماء التي تظلها … بالله عليك شقيق الروح أن تخط اسمي على المقاعد التي تجلس عليها من دبي وحتي العودة … فقط لأكون رفيق رحلتك .
اصل الى المطار … اتقدم بمعاملتي (جواز سفري وتذكرتي ) ، نجلس هناك ننتظرالنداء على المسافرين … احمد في غاية الكرم يمنحني بعضاً من دفء الأخوة … من الحب الكبير الذي يسكن اعماقه ولم اشعر به قبل تلك اللحظات … وكبيرهم الذي علمهم الحب يجلس امامي كبيرهم الذي علمني رسم الحرف يحيطيني بيديه …. هناك امي ما زالت الدموع تنفر من عينيها رغم ابتسامتها التي لم يكتمل رسمها …. وايضا ابي يدعو لي بالتوفيق ويطلب ممن جل في علاه ان يمنحني الرضا والقبول … كذلك الصعلوك الشاعر محمد العداربة وزوجه والغالي نورس كانوا بوداعي .
اشعر بقلب معشوقتي يحضنني … احس بدفء ذلك القلب … اسمع نداءه ان لا تتأخر كثيراً … فهنا من هو بانتظارك … اه ايتها الحبيبة الرائعة … يا بدء التكوين … يا كل مساحات الروح … هأنا ارحل وقد لا اعود … ارحل علي اخفف من وطأة حبك الذي قادني الى ما انا فيه من الم …. أعلم بأن الشوق سيستل سكينه ويقطع ما تبقى من الفؤاد .

‏الخميس‏، 27‏ تشرين الثاني‏، 2008

ليالي الجنون / قبيل الرحيل / لوتس صوالحة 2images1

» بناءا على اقتراح محمد صوالحة
» نسمات الليل/ بنبض محمد صوالحة